رواية الأنفس الميتة
رواية الأنفس الميتة
يجسد الكاتب المجتمع الروسي بالأخص الاقطاعينن الملاك في القرن التاسع عشر في فترة من تاريخ روسيا القيصرية حين كان النظام الساري في العمالة بالأرض الزراعية
هو نظام القنانة و هو أحد الأنظمة الاستعبادية المعدلة عن الرق حيث يكون القن غير مملوك بذاته لصاحب الأرض و لكن عمله يكون مملوكا للمالك
على أن ينال أجرا رمزيا بالاضافة لطعامه و شرابه و كانت الأراضي الزراعية و المزارع الضخمة تقاس بعدد الأقنان (الأنفس ) اللازمة لخدمة هذه المزارع
فيقال عن المالك انه يملك الف نفس (قن) أو عشرة ألاف نفس (قن) فيفهم من ذلك مدى المساحة الزراعية التي لديه على اعتبار ان الهكتار الواحد يحتاج لعدد معين من الأنفس.
رواية الأنفس الميتة
و الفكرة الجهنمية التي راودت عقل تشيتشيكوف (بطل الرواية) الموظف البسيط أن عدد الأنفس المملوكة للأشخاص لا يتم معرفتها بالتحديد الا في سنه الاحصاء السكاني و الذي يتكرر كل عشرة سنوات و بالتالي فاذا ماتت انفس خلال هذه الفترة فانها تظل موجودة على الورق فقط دون وجودها
حقيفة و بالتالي سعى الى جولته الشهيرة من أجل شراء الأنفس الميتة من المالكين الأصليين بثمن بخس مقابل أن يقال أنه يملك عدد كبير من الأنفس و بالتالي يكون من النيلاء اصحاب الممتلكات (راسكولينكوف)
نتعرف في (الأنفس الميتة) على شخصيات متعددة، يقودنا إليها بطلنا الغامض (بافيل تشيتشيكوف) والذي وصل إلى مدينة صغيرة وبدأ يزور الملاك فيها ليقدم لهم عرضاً غريباً، ففي تلك الفترة كانت روسيا لازالت تعمل بنظام القنانة أي وجود أقنان – عبيد – يمتلكهم الملاك ويعملون في حقوله ومزارعه، وكان الملاك الروسي يدفع للدولة مبلغاً عن كل قن من هؤلاء الأقنان،
ولو مات القن فعلى الملاك الدفع عنه حتى موعد الإحصاء التالي، فلذا كان عرض تشيتشيكوف للملاك غريباً، فهو يريد منهم أن يعطوه أو يبيعوه إن استلزم الأمر هذه الأنفس الميتة،
يستفيد الملاك من هذه الصفقة التخلص من عشرات الأقنان الذين ماتوا ولكن لازال يدفع عنهم للدولة، ولكن ما الذي سيستفيده تشتشيكوف؟ ما فائدة مئات الأقنان الميتين؟ أخذ غوغول فكرة الرواية من واقعة حقيقية كان بوشكين يخطط للكتابة عنها،
ولكن غوغول طالب بها، فتنازل عنها بوشكين للكاتب الشاب، وللأسف لم يصدر الكتاب إلا متأخراً بعد مقتل بوشكين، وأظن أنه لو قرأه لأعجب به فقد تجلى غوغول في هذا النص ببراعة، وكشف لنا شخصيات روسية أصيلة،
تجمع بين الغباء والخسة والذكاء والبخل واللامبالاة، رؤية شاملة للريف الروسي لا يمكن أن يلتقطها إلا فنان حقيقي، تكفي هذه الرواية مع قصة المعطف لتضعا غوغول في مصاف العظماء.