رواية بعد غياب pdf
رواية بعد غياب pdf – أووف..البنات اليوم جننوني..
كانت هذه هي جملة الدكتورة جواهر اللي قالتها، وهي تطلق تنهيدة طويلة، وتحط شنطة لابتوبها على طاولة مكتبها بيد، وتخلع نقابها باليد الثانية، وتعلقه على الشماعة القريبة من مكتبها.
ردت عليها زميلتها وصديقتها المقربة الدكتورة نجلاء اللي قاعدة وراء مكتبها، وتقلب أوراق في يدها، وهي تبتسم بإرهاق: ليه عسى ماشر؟؟
لفت جواهر وجلست على كرسي المكتب، وهي تحرر شعرها الأسود الناعم والكثيف اللي يوصل طوله لتحت أكتافها بشويتين من الشيلة ومن الشباصة وتنثره على أكتافها ليرسم سواد شعرها الحريري المسترسل مع صفاء بشرتها المصقولة الشفافة لوحة مبهرة يعجز أعظم رسام عن رسمها لأنها من صنع الخالق، وسبحانه جل شانه ما أبدع ما صنع في هذه الأنثى الاستنائية.
(لا أميل مطلقا إلى فكرة البطلات الخارقات الحسن، وكأنه لا يوجد في عالم القصص عاديات الجمال، ولكن لجمال جواهر هنا ضرورة قصصية ملحة ستعرفونها لاحقا
وتقول جواهر وهي تعدل جلستها: محاضرتين ورا بعض والبنات كلهم يقولون: تكفين دكتورة الجو حلو ومغيم، خلينا نأخذ المحاضرة برا في الحديقة، أو طلعينا بدري، دخلوا في مخي، حنانات درجة أولى، الله يعين أهلهم عليهم.
ردت نجلاء وهي ترتب الأوراق وتدبسهم ببعض: هذا عشان أنتي معطتهم وجه، ومدلعتهم.
كشرت جواهر بابتسامة: إذا أنا مدلعتهم أنتي شنو؟؟ ، أنا أحترمهم وهم يحترموني، أمسك العصا من النص.عشان عمر التدريس الجامعي ماكان كبت وكسر لشخصية الطالب الجامعي، وفي نفس الوقت موب تسيب وفلتان.
نجلاء بصوت مرهق: خلاص عمتي جواهر فتحت موضوعها المفضل، من بيسكتها؟!
ابتسمت جواهر ابتسامة واسعة بينت أسنان رائعة في بياضها وتناسقها من خلف شفتين ناعمتين مكتنزتين..ابتسامة ساحرة تجسد الفتنة الأنثوية في أوجها، الأنوثة الناضجة الممتزجة بملامح براءة غامضة تصنع سحرها الخاص بها هي فقط: يا قلبي يا نجلاء، التدريس الجامعي أنه إحنا نصنع شخصيات واثقة وملتزمة واستقلالية في ذات الوقت، أعرف إنها معادلة صعبة بس موب مستحيلة.
– واللي يخليج جيجي ماني ناقصتج اليوم. حمادة مسهرني البارح حرارته 40، واضطريت أنزل وأخليه عند عمتي عشان امتحان البنات اليوم، وجايه مواصلة بدون نوم.
– تدرين نجلاء إنج بايخة، وثقيلة دم، وماعندج سالفة.
– وليه كل هذا يا دكتورة؟.(قالتها نجلاء وهي تبطل عيونها بكسل)
– تطلعين وتخلين حمودي تعبان، عشان امتحان وأنا موجودة!! كان أرسلتيه مع السواق لي، وأنا برسم الخدمة: أحضر بدالج المحاضرة وأوزعه عليهم.
– فديت عمرج يا جواهر، بس إذا كان حبيبك عسل، ما أبي أثقل عليج، كفاية محاضراتي اللي حضرتيها بدالي الأسبوع اللي فات، مالي وجه، وجهي طاح، ياوجه استح.
– والله ثم والله تقومين تروحين لبيتج الحين، وإلا هذا أخر ما بيني وبينج، قومي طسي لبيتج، وهاتي الامتحان.
– بس يا جواهر……
– مافيه بس..هاتيه.. يعني أنا وش وراي أستعجل عليه…(وتنهدت جواهر بحسرة)
– كله منج، لو تبين كان تزوجتي من زمان، واليوم قبل بكرة، وبكرة قبل اللي بعده.. أخوي مخلي خطبته مفتوحة. وصحيح أخوي مافيه منه، بس ألف غيره يتمنونج.
ضحكت جواهر ضحكتها الصافية اللي تشبه رنين أجراس الكريستال الفاخر، واللي لو كان رجال هو اللي سمع رنين ضحكتها كان تكهرب220 فولت وضربه زلزال بقوة 8 درجات على مقياس ريختر: عدال.. اللي يسمعج تقولين خطاب، يقول بنية أم 18، أنا عجزت ياقلبي، بعد كم شهر بيصير عمري 31، يالله حسن الخاتمة بس.
قالت نجلاء وهي تجمع أغراضها عن المكتب وتلبس عبايتها: أنتي والله اللي قليلة خاتمة، شنو 31، يعل 31 جاموسة تترفس في بطنج يمكن ترجع لج عقلج، أنتي قمر يا بنت، تعرفين شنو قمر، أنتي ماعندكم مرايا في بيتكم، وعادج في عز شبابج وأنوثتج…… الحين ماني متفرغة لج، بكرة نتفاهم، خذي الامتحان، وتراهم مجموعة 2 اللي محاضرتهم بعد ربع ساعة.
تنهدت جواهر: لا بكرة ولا بعده، روحي لحمودي، وانا بأمر عليج العصر، أتطمن عليه.
خذت جواهر الأوراق من نجلاء، ورجعت تجلس وراء مكتبها، وهي تراقب بهدوء ومودة نجلاء،
وهي تلبس عبايتها وتشد شيلتها على رأسها وتثبتها عدل..تدخل شعرة طايرة، وتلبس نظارتها الشمسية،
كانت ملامح نجلاء الهادئة الحنونة تذكرها بملامح أمها الله يرحمها، صدق إنها ملامح يمكن ما تلفت انتباهك ببساطتها وكونها تمر عليك كل يوم، لكن لما تعرف أصحابها ينقشون أنفسهم في القلب نقش، بحضورهم الإنساني المتسع اللي على قد امتداد الكرة الأرضية.
بعد غياب قراءة :
التعليقات مغلقة.