رواية رحيل المرافئ القديمة
تحميل رواية رحيل المرافئ القديمة لــ غادة السمان. من أروع روايات الكاتبة غادة السمان.
مقتطفات من الرواية :
حياتي كلها مثل حلم واحد طويل وصامت وممل ومتكرر ,,,
لم يكن هناك ما يهزني حقاً ، ما يسعدني بعنف أو يتعسني بعنف ,,
كيف استطعن أن تحولني من شيء هادئ وهامد ومستقر كاستسلام مومياء لتابوتها إلى شريان مقطوع ينبض نزفه على هامش عمرك ..
كم هو رائع أن ينتهي كل شيء هنا ببساطة ، ليالي الوحشة الطويلة تنتهي ,,,
وجورجي اخرس .. معه استطيع ان احيا عالماً بلا كلمات وبلا زيف … انه عاجز عن النطق, اي عاجز عن الكذب والزيف … اي ان احداً لا يستطيع ان يقسرة على ان يقول لغماً ابجدياً واحداً..
أعبئ ابرة ” مورفيني ” بالمدن النائية , بوجوه الغرباء الراكضة في شوارع ماطرة لم أرها من قبل , أصوات اقلاع الطائرات الى بلاد بعيدة مشمسة في استراحات المطارات عند الفجر المغبر , وأمامي صحف الصباح بلغة لا أفهمها !
منذ وصلت الى فيينا بل اني اخترت المجيء الى فيينا بالذات لأني لا أعرف لغة أهلها …
واخترت المجيء اليها مع ” جورجي ” لأنه أخرس !
انه عشيقي المفضل منذ أعوام لأنه أخرس … حتى حينما يخاطبني بعض أهلها بلغة أعرفها أتظاهر بالتجاهل تماما وأصر على العودة الى عصور ما قبل اللغة .
” يوم علمني والدي السفير ست لغات , لم يكن يدري أن ذلك سوف يزيد في مرارتي حين أعي فجأة أني أتكلم لغات ستة شعوب وأعجز عن التفاهم الكامل مع انسان واحد فقط … ويوم أورثني أمواله لم يكن يدري أني سأنفقها راكضة بين أقطار الأرض مع عشيق أخرس بحثا عن اقوام نسي أن يعلمني لغتهم ولا أعرف كلامهم ولن يحاولوا بالتالي مد جسر الألغام بيننا … جسر اللغة الذي لم يقدم أحد على لغمه العلي كما يفعل حكام بلادي أكثرهم يمارس ذلك بنية طيبة وقليلهم بتواطؤ خائن وجميعهم مؤذ , وأنا … يا لرعبي ! كنت طيلة عملي في اذاعة ذلك البلد العربي من بعض تلك الأداة … ولأني كنت من بعض حنجرة تلك الأداة قتلت أخي , وقتلت أيضا الآلاف الذين أجهل أسماءهم ولم أع ذلك الا يوم اكتشفت كيف قتلت أخي … يا لفظاعة ذلك كله ! تحالف علي طموحي , وكبي الأنثوي التاريخي والخبث السياسي لرؤسائي .